ديوان شعراء سوريا






على مرّ عقود طويلة، رزحت سوريا تحت وطأة حقب من الاستبداد الحالك، حيث كانت القصيدة فيها تهمة، والبيت الشعري جرماً يستوجب العقاب. في تلك الأزمان القاسية، كانت الكلمة الحرّة أشد مضاءً على المستبدين من هدير السلاح، فأدركوا أن الحرف إذا تحرّر كان أفتك بعروشهم من الرصاص. لذا جوبهت الكلمة بالحصار وحورب الخيال بالمنع وشُدّد على القائلين بالملاحقة تارة، وبالسجن والتغييب تارات أخر، ليبقى صوت الشاعر خافتاً خلف جدران الصمت.
ولكن لا بد لليل أن ينجلي. لقد أشعلت ثورة الحرية والكرامة، التي طوت صفحة نظام الأسد، شعلة ضوء ساطعةً في نهاية نفق الاستبداد الطويل. وكان لزاماً علينا ووفاءً لتلك التضحيات أن نتلقّف هذا الضوء ونتخذه نبراساً نستنير به لتتوهج من جديد أسماء وقصائد غيّبها ظلام القمع طويلاً، وننفض الغبار عن إرث أدبي عظيم حُرم من النور.
من هنا ولِد هذا الموقع، ليكون تكريماً للكلمة التي أبت الانكسار واحتفاءً بالشعر الذي قاوم الموت بالحياة. هو بيت لكل شعراء سوريا بمختلف أطيافهم ومشاربهم، يجمع شتات إبداعهم في ذاكرة جمعية واحدة.
ونحن نؤمن في هذا الديوان بأن فضاء الشعر يتسع للجميع. قد تجدون هنا شعراء لهم مقاربات فكرية مختلفة، وربما تتباين رؤاهم مع قناعات البعض، إلا أننا آلينا على أنفسنا أن تكون "الكلمة الحرة" هي جواز المرور الوحيد. فمهما اختلف البوح سيجد له مكاناً رحباً في هذا الديوان إيماناً منّا بأن الاختلاف ثراء وأن الحرية لا تتجزّأ.
إن "ديوان شعراء سوريا" هو مشروع حيّ وسفر متواصل نسعى من خلاله لتوثيق جميع أعمال الشعراء السوريين دون استثناء. فإن غاب اسم شاعر قامة أو تأخر نشر قصيدة ما، فاعلموا أن ذلك مرتبط محضاً بتسلسل النشر الفني والزمني، ولا يمت بصلة لرقيب أو منع، فعهد الحجب قد ولّى.
وختاماً، فإن هذا الصرح هو في جزء كبير منه جهد بشري، والجهد البشري لا يبلغ الكمال وتكتنفه الهنّات لا محالة. نحن نسعى جاهدين للدِقّة، فإن أخطأنا أو سهونا فكلمتكم هي بوصلتنا لتصحيح المسار. لا تترددوا في التواصل معنا، فبكم ومعكم يكتمل هذا الديوان وتزهو قصائد السوريين.

