Skip to main content

وائل محمد الأسود

في قلب الشمال السوري، وتحديداً في ريف معرة النعمان بمحافظة إدلب، تلك الأرض التي طالما كانت منبعاً للشعراء والأدباء، وُلد الشاعر وائل محمد الأسود في مطلع سنة 1991، ليبدأ رحلة حياةٍ تماهى فيها الحبر بالدماء، والكلمة بالرصاص. لم تكن نشأة الأسود مجرد محطة عابرة، بل كانت تأسيساً لوعي مبكر تفجر إبداعاً ونضالاً مع انطلاق الثورة السورية، حيث شكّل حالة استثنائية في المشهد الثقافي الثوري، جامعاً بين رقة القصيدة وعنفوان البندقية في آنٍ واحد.

لقد آمن وائل الأسود أن الدفاع عن الأرض والهوية لا يتجزأ، فكان حاضراً بقوة في الفعاليات الأدبية التي أقيمت في المناطق المحررة، يلقي قصائده التي تلهب الحماس وتشحذ الهمم، وفي الوقت ذاته كان مقاتلاً شرساً يرابط على جبهات المعارك، حاملاً بندقيته بيدٍ وقصيدته باليد الأخرى، مجسداً بذلك صورة "الشاعر المحارب" الذي يكتب بالبارود بقدر ما يكتب بالمداد. 

استمر شاعرنا على هذا النهج من البذل والعطاء الميداني حتى عام 2017، حين اضطرته ظروف الحرب للتوجه إلى المهجر في تركيا، وهناك لم يركن إلى السكون، بل تابع نشاطه الأدبي بوتيرة متصاعدة، مشاركاً في العديد من المهرجانات والملتقيات الشعرية، حاملاً صوت قضيته وعدالة مطالب شعبه في كل محفل، واضعاً نصب عينيه هدفاً سامياً هو التحرير الكامل للأراضي السورية.

وعلى الصعيد المؤسسي والمهني، لم يكن الأسود بعيداً عن العمل التنظيمي الذي يخدم الأدب العربي، فقد كان عضواً فاعلاً في اتحاد كتاب سورية الأحرار، كما تولى مهاماً حساسة تتطلب دقة لغوية وملكة نقدية، حيث شغل منصب رئيس لجنة التدقيق والنشر في مجموعة اتحاد الكتاب العرب الأدبية، واستمر في هذا الموقع يقوّم النصوص ويدققها حتى عام 2020، مما يعكس تمكنه من أدواته اللغوية وحرصه على سلامة اللغة العربية وجمالياتها. 

أثمرت هذه المسيرة الغنية عن نشر العديد من قصائد وائل الأسود في مجلات عربية رصينة، لاقت استحساناً وقبولاً لدى القراء والنقاد. وتتويجاً لهذا الجهد الإبداعي المتواصل، يعكف الشاعر حالياً على وضع اللمسات الأخيرة لرفد المكتبة العربية بإصدارين جديدين، حيث أن له مجموعتين شعريتين قيد الطباعة، تنتظران النور لتكونا شاهداً توثيقياً وجمالياً على مرحلة هامة من تاريخ سورية ومن سيرة شاعرٍ عاش القصيدة واقعاً قبل أن يكتبها حبراً.

الزيارات: 29 زيارة